نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

السودان: أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم

 

السودان: أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم

والاستجابات أقلّ من المتوقّع

تستمرّ الكارثة الإنسانية في السودان تأزّمًا منذ اندلاع الاقتتال في 15 نيسان/ أيار الحالي. وكما هو حال الأطفال في أيّ أزمةٍ أو حربٍ تستعر في العالم، يتحمّل أطفال السودان العبءَ الأكبر من العنف، حيث يوجد 14 مليون طفل بحاجة ماسّة إلى المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة، وفق تقريرٍ للـ«يونيسف» مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. وبينما تتعاظم أرقام الأطفال الضحايا لتفوق 1200 طفل داخل المخيمات، وفق ما أشارت إليه «اليونيسف» في أيلول/ سبتمبر الماضي، يعاني السودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم حيث يُقدَّر أنّ الأطفال يمثّلون نصف النازحين في حصيلةٍ بلغت ثلاثة ملايين طفل من أصل حوالي 6.3 ملايين نازح داخل البلاد وخارجها، وفق أرقام «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.

ويأتي هذا في وقتٍ كان هناك ملايين و700 ألف نازح داخليًّا في السودان قبل اندلاع النزاع الحالي. ومنذ نيسان/ أبريل حتى تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، تجاوز عدد البلاغات حول الانتهاكات الخطرة لحقوق الطفل 3130 تقريرًا، حيث يقع نصف هذه الانتهاكات على الأقلّ في إقليم دارفور، ومن المرجّح أن يكون عدد الانتهاكات أكثر من ذلك بكثير. وبينما تمحورت البلاغات حول القتل والتجنيد والعنف الجنسي وبتر الأعضاء، حذّرت أكثرُ من 50 منظمة مدنيّة سودانية ودولية من الجرائم الفظيعة التي سيتمّ ارتكابها في المستقبل نظرًا إلى نمط الجرائم التي حصلت خلال الأشهر الماضية، من جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية وتطهيرٍ عرقيّ وعنف جنسيّ مرتبط بالنزاع. على المستوى الصحي، يستمرّ تفشّي الأمراض في جميع أنحاء البلاد، منها الكوليرا والحصبة وحمّى الضنك والملاريا.

ووفق «منظمة الصحة العالمية» (WHO)، حوالي 70% من المستشفيات في الولايات المتضررة من النزاع أصبحت خارج الخدمة، أمّا المستشفيات المتبقيّة فمكتظةٌ بمن يبحثون عن الرعاية، وكثرٌ منهم نازحون داخليًّا. وبحسب «اليونيسف»، يفتقر حوالي 7.4 مليون طفل إلى مياه الشرب الآمنة، تقلّ أعمار نصفهم عن خمس سنوات. كما يفتقر كثيرون إلى التطعيمات الروتينية ضدّ الأمراض التي يمكن الوقاية منها بسهولة، في حين أنّ الـ700 ألف طفل الذين يعانون من سوء التغذية الحادّ الوخيم معرّضون لخطر الموت من دون علاج. وكانت «اليونيسف» أشارت في حصيلةٍ قبل شهرين إلى أنّ الأطفال النازحين يعانون في الأساس من الجوع الذي يتفاقم مع توقف 98% من مراكز التغذية في الخرطوم و90% منها في دارفور عن العمل.

وفي السياق، كان «برنامج الصحة العالمي» حذّر من أزمة الجوع التي تواجه ثلث سكان السودان، أي 15 مليون شخص، بمن فيهم الأطفال. ولا بدّ من الإشارة إلى أثر أزمة تغيّر المناخ والتي تزيد على الكوارث كوارثًا، فقد شهد السودان أمطارًا غزيرةً وفيضانات منذ شهر آب/ أغسطس ممّا أعاق، وفق «برنامج الصحة العالمي»، موسم الزراعة وألحق الضرر بآلاف الهكتارات من الأراضي، ما أثّر بشدة على موسم الحصاد بعد موسمٍ سابقٍ كان أقلّ بنسبة 30% من المعدّل لإنتاج الحبوب على مدى خمس سنوات. كما تُهدّد الهجمات المتواصلة على المرافق والخدمات الصحية حياة الرضّع وأمّهاتهم. ومع توقّع ولادة أكثر من 333 ألف طفل بين أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول 2023، تتضاءل فرص الحصول على الرعاية الطبية خلال الولادة بسبب النقص الحادّ في الإمدادات الطبية. ويتعذّر على العديد من النساء الحوامل الوصول إلى المستشفيات، ممّا يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة أو حدوث مضاعفات خطيرة لكلّ من الأمهات والرضّع.

وقد حَرم الاقتتالُ الدائر 19 مليون طفل من الالتحاق بالموسم الدراسي، وفقًا لتقدير «اليونيسف»، ما يجعلها واحدة من أسوأ الأزمات التعليمية في العالم. ولم تُتَح لنصف هؤلاء على الأقلّ فرصةٌ لدخول الصفوف الدراسية. وفي ظلّ هذه الأزمات الكارثية المتعددة الأبعاد على الأطفال، أوضحت «اليونيسف» إلى أنّه لم يتمّ تمويل النداء الإنساني الذي أطلقته لهذا العام إلا بنسبة 24%، إنّ البلاد بلا شكّ في خضمّ كارثةٍ تفاقمت على إثرها الأزمات المتراكمة منذ سنوات. للمزيد، راجعوا مقالنا الشامل حول الحرب في السودان هنا.