نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

بيان الشبكة العربية لتنمية الطفولة المبكرة في مواجهة أزمة كورونا

 

نحن في الشبكة العربية لتنمية الطفولة المبكرة التي تضم في عضويتها مؤسسات حكومية وهيئات من المجتمع المدني وأكاديميين واختصاصيين من بلدان عربية مختلفة، فضلاً عن شبكات ومؤسسات إقليمية ودولية في مجال تنمية ورعاية الطفولة المبكرة، نسعى إلى أن يستمتع الأطفال في البلدان والمجتمعات العربية بحقوقهم وسعادتهم ورفاهيتهم في بيئة مُثرية من الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، ونعلن أننا معنيون مباشرة برفع الظلم الذي قد يحصل على الأطفال ومقدمي الرعاية نتيجة ما يتعرضون له خلال الأزمة التي يسببها وباء كورونا من مخاطر على صحتهم وتنميتهم ورعايتهم وحمايتهم وتعلّمهم، والانتهاكات الخطيرة التي قد تمس حقوقهم مما قد يمنعهم الآن وفي المستقبل من تحقيق كامل إمكاناتهم المتوخاة ومصلحتهم الفضلى.

ولم يكن ينقص بلداننا العربية سوى وباء كورونا حتى يكتمل تصدعها السياسي والاقتصادي وتفككها الاجتماعي، ويزداد انكشاف خطر هذا التصدع فيها على صحة وتنمية ورعاية الأطفال حيث لم يعد يملك معظمها أيا من مقومات وموارد مواجهة الكارثة الصحية الشاملة التي تتجه إليها، كما يعاني نصف أطفالها من الفقر والحرمان من الخدمات الأساسية من التعليم والمسكن والتغذية والرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي وإمكانية الحصول على المعلومات الصحيحة والمفيدة.

قبل انتشار وباء “كورونا” في أربعة أركان المعمورة، كان ما لا يقل عن 250 مليون طفل معرضين لخطر عدم تحقيق إمكاناتهم الكاملة. والأكيد بأن هذا العدد سوف يزداد مع الإنهاك الذي أصاب الأنظمة الصحية والتربوية وإغلاق الحدود ومنع السفر وإغلاق دور رعاية الطفولة والحضانات والمدارس مما سوف يعرّض المزيد من الأهل والعائلات ومقدمي الرعاية والمجتمعات للعواقب الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية للوباء.

قد يكون عدد الإصابات المَرَضية بكورونا قليلا بين الأطفال، لكن سوف تطالهم تأثيرات الوباء بطريقة مباشرة حيث أصبحت العديد من العائلات في البلدان العربية أكثر فقراً بسبب ازدياد نسبة البطالة وفقدان دخل العمل المياوم. هذا بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية نتيجة إغلاق المدارس والروضات والحضانات ومنع التجول وعدم ممارسة الرياضة واللعب خارج المنزل، وعدم تمكّنهم من لقاء أصدقائهم.

يأتي وباء كورونا كي يفاقم من حدّة هذا الخليط من العوامل الذي سوف يصيب بشكل خاص الأطفال الأكثر ضعفاً من ذوي الإعاقة والمصابين بسوء التغذية والذين يعيشون في سياقات من العنف المنزلي والتمييز الجندري وإساءة المعاملة والإهمال، وملايين الأطفال الذين يلازمون الآن بيوتهم نتيجة الحجر الصحي، بالإضافة إلى الأطفال اللاجئين والنازحين الذين اقتلع معظمهم من بيوتهم بسبب النزاعات المسلحة والحروب في كل من سوريا واليمن وفلسطين والعراق وليبيا والسودان، وعائلات ومقدمي الرعاية لأطفال المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني الذين ساهمت سياسة الإقصاء والتهميش والتمييز العنصري التي مارستها إسرائيل بانتشار الفيروس بينهم نتيجة عدم إتاحة إجراءات الوقاية والرعاية اللازمة، مما يجعل البلدان والمجتمعات العربية تحتوي على أكبر عدد من الأطفال المهمشين والمعرضين للأخطار على مستوى العالم كله.

لذلك، تدعو الشبكة العربية لتنمية الطفولة المبكرة إلى تنسيق كل جهود الحكومات والمؤسسات الدولية والوطنية وهيئات المجتمع المدني والهيئات الأكاديمية إلى:

  1. الدفاع عن حقوق الأطفال خاصة في المنطقة العربية التي تعاني ما تعانيه من الفقر وعدم المساواة وغياب الحريات وبعد أن وصلت انتهاكات هذه الحقوق إلى مستويات غير مسبوقة من مسببات الضغوط السامة
  2. إيلاء الأهمية المطلقة لحماية الأطفال في ظل الحروب واللجوء والنزوح والذي جاء وباء كورونا كي يزيد من وطأة التهديد المباشر والدائم لحياتهم وتعرضهم للعنف وتراجع الخدمات الصحية المتوفرة لهم وسوء معاملتهم وإهمالهم وازدياد العمالة بينهم واستغلالهم الجنسي وانعدام أمنهم الغذائي وفقدان إمكانيات تعلّمهم والتمييز الجندري بينهم
  3. إعطاء الآباء والأمهات ومقدمي الرعاية الأولوية الضرورية من العناية الشخصية والوسائل والأدوات اللازمة للقيام بدورهم الأساسي الذي برز أكثر من أي وقت مضى في تطبيق مكونات الوالدية المتجاوبة وحماية أطفالهم في هذه الظروف الصعبة والسياقات الهشّة
  4. تعزيز التمكين والأمان الرقمي اللازم للأطفال وللأهل ومقدمي الرعاية لمواجهة “وباء المعلومات المُضلّلة” الذي يشمل الأخبار الكاذبة والمعلومات غير الصحيحة وغير الدقيقة والمحتويات الجنسية ووسائل تجنيد الأطفال للأعمال العسكرية.

لقد أثبتت الدراسات أن الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة لها كبير الأثر على تطور دماغ الطفل في المراحل العمرية اللاحقة، كما أن لها كبير الأثر على جودة الحياة ورفاهيتها وتقدمها مستقبلا… فالبداية القوية دليل لمستقبل أكثر قوة… وأكثر حياة…

إن حاضر أطفالنا ومقدمي الرعاية لهم في خطر، ولا يبدو أن مستقبلهم سوف يكون أفضل من ذلك إذا لم تتضافر كافة الجهود بتضامن عالمي لمواجهة هذه الأزمة العارمة التي لن تفيد جهود متفرقة آنية ولا حلول مجتزأه بالتغلب عليها.