نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

ثلاث سنوات على تفجير مرفأ بيروت: معاناة الأطفال الصغار مستمرّة

 

بُعيد تفجير 4 آب/ أغسطس 2020، توفّيت ألكسندرا نجّار. لأيّام، حاربت ابنةُ الأعوام الثلاثة والنصف كي تستعيد وعيَها، لكنّ رأسها الصغير لم يتحمّل قوّة الضربة التي أطاحتها أرضًا. لحظةَ وقوع التفجير، كانت ألكسندرا تلهو بألعابها، وكذلك كان يفعل آلافُ الأطفال غيرها.

ثلاث سنواتٍ مرّت على جريمة تفجير مرفأ بيروت. حتى اليوم، يستطيع المارّ من المناطق والأحياء التي طالها التفجير تبيان الأثر: أبنيةٌ مهشّمةٌ أغلبُها تاريخيّ وأثريّ وسكّانُها من المستأجرين سهّلت الكارثةُ استغلالَهم من قِبل أصحاب المُلك في ظلّ غياب حماية الحقّ في السكن؛ بطءٌ شديدٌ في عملية الترميم وإعادة الإعمار مع ما يرافقهما من تساؤلاتٍ تتعلّق بطرق التمويل والنموذج الذي يُمكن اعتماده من دون المسّ بالنسيج الاجتماعي للأحياء وكيفية أخذ الدروس والعِبر من نماذج إعادة الإعمار السابقة؛ ضعفُ الشبكات الاجتماعية في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرّ بها لبنان وتقصيرُها الشديد في إعانة المتضرّرين من التفجير؛ مرفأٌ مدمّرٌ سوف يبقى شاهدًا على الجريمة مع تغييبٍ للعدالة وعدم الإعلان عن نتائج التحقيق؛ ثمّ أطفالٌ صغارٌ ما زالوا يحملون، وسوف يبقون، آثارًا لا تحصى من هَوْل الكارثة.

من بين أكثر من 200 ضحيّة، قُتل سبعة أطفالٍ على الأقلّ. ومن ضمن الـ300 ألف شخصٍ تشرّدوا من منازلهم لحظة التفجير، كان هناك ثمانية آلاف طفل على الأقلّ بحسب منظمة «اليونيسف». بعد مرور 18 شهرًا على التفجير، وفي وقتٍ قياسي، أعادت منظمة «الأونيسكو» ترميم المؤسسات التعليمية المتضرّرة وعددها 280، ومن بينها مدارس وجامعات ومراكز تدريب، وذلك بعد أن انتزع التفجيرُ سنةً دراسيّةً من بين يدَي العديد من الأطفال والطلاب. في المقابل، أثبت المجتمعُ الأهليّ حينها أهمية دوره في هكذا كارثة وذلك عبر تضامنه ومساندته سكّانَ المناطق المتضررة.

وبينما تتزايد حاجات الأطفال الصغار المتضرّرين من التفجير بفعل الأزمة الاقتصادية الخانقة وغياب شبكات الحماية الاجتماعية، من الصعب محو الضرر النفسي الذي خلّفته الجريمة عليهم، على الرغم من الدعم النفسي الهائل الذي قدمه العديد من الجمعيات ومقدّمي الرعاية. ما تحدّثت عنه تقارير صدرت بُعيد التفجير عن معاناة الكثير من الأطفال من توتّر ما بعد الصدمة وتبوّلهم بشكلٍ لا إرادي ومتكرّر وانتفاضهم أمام الضوضاء الخفيفة وإظهارهم تعلّقًا شديدًا بأهاليهم مخافةَ تكرار ما عايشوه لحظة الانفجار، ما زال ملموسًا لدى بعض الأطفال. وإنْ كان من الصعب قياس حجم الضرر النفسي الذي قد يلحق بهؤلاء الأطفال في المستقبل، فالأكيد أنّ التهديد بحدوث أزمة إنسانية طويلة الأمد يشكّل الأطفالُ حلقتَها الأضعف، مسألة جادّة للغاية.