نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

ليبيا: أكثر من شهر ونصف على «أعنف عاصفة في تاريخ إفريقيا» - وحاجات الأطفال إلى تزايد     

 

غدًا تشرق شمسٌ جديدة ويومٌ أجمل ستكون فيه درنة جميلة وزاهرة بالورود

وسنبني درنة معًا لأننا أخوة

يدٌ واحدة وجسدٌ واحد

وستصبح ليبيا وحدة واحدة آمنة بإذن الله 

مترفّعين عن الانقسامات السياسية والمؤسساتيّة الحادّة في ليبيا، وجّه أطفالُ «مفوّضية طرابلس الكشفيّة» رسالةً مكتوبةً إلى أطفال درنة عبّروا فيها عن دعمهم وتشاركهم حلم إعادة بناء درنة وتحقيق وحدة ليبيا. الرسائل التي أُرفقت بدمية أتت ضمن برنامجٍ للمفوّضيّة الكشفيّة بُعيد وقوع الفيضانات تضمّن تجهيز مجموعةٍ من القادة والقائدات المختصّين/ات في برامج الدعم النفسي للأطفال والأمّهات والعائلات. 

 

«العاصفة الأعنف»  

بعد مرور أكثر من شهر ونصف الشهر على تعرُّض شرق ليبيا إلى سيولٍ شديدة، يوم 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، جرّاء «إعصار دانيال» المتوسّطي الذي اجتاح مدنًا عدّة أبرزها درنة بعد ضربه اليونان وتركيا وبلغاريا مخلّفًا 20 قتيلاً، ونتيجة انهيار السدَّين المحيطين بدرنة؛ سدّ سيدي بو منصور وسدّ البلاد بفعل الفساد والإهمال وعدم ترميم السدّين وتحصينهما؛ لم يُكشف حتى اليوم عن الأعداد النهائية للضحايا والمفقودين.

توقّفت آخر حصيلةٍ رسميّةٍ عند عتبة 4278 قتيلاً في 25 أيلول/ سبتمبر، بينما رجّح «الهلال الأحمر الليبي» و«منظمة أطباء بلا حدود» منتصفَ أيلول/ سبتمبر الماضي مقتلَ أكثر من 11 ألف شخص. أما «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» (OCHA) فأعلن نهاية شهر أيلول/ سبتمبر أنه تمّ الإبلاغ عن 8500 مفقود، بينما تضرّر ربع مليون شخص، ودُمّر أكثر من 2000 منزل في درنة وحدها. 

وفي ظلّ اختفاء ثلث المدينة جرّاء الفيضانات وتأثُّر 40 ألف شخصٍ بذلك مع تسجيل آلاف المفقودين، رجّح كثيرون أن لا يقلّ العدد الفعليّ للضحايا عن 20 ألفًا.  

وقد برز ضعفُ التعاطي الرسمي على مستوى جهود الإنقاذ والإغاثة وتحديد الخسائر. وأتى ذلك في ظلّ اتهاماتٍ محلّية للسلطات المنقسمة بحجب المعلومات وإخفائها وحظر الوصول إلى أماكن عدّة خشية المقاضاة الخارجيّة بتهمة الإهمال، خصوصًا مع انهيار السدّين ما شكّل عاملاً جوهريًّا برفع عدد الضحايا والمفقودين والنازحين والمشرّدين. 

في الإطار، أوضح الناطق باسم «الهيئة العامّة للبحث والتعرّف على المفقودين» عبد العزيز الجعفري أنّ أرقام الوفيات المعلنة «تخصّ فقط من تمّ التعرف على هوياتهم». وأشار إلى أنّ «كثيرين تمّ دفنهم من دون التعرّف عليهم ولا أخذ عيّنات البصمة الوراثية، خاصةً خلال الأسبوع الأول، لذا يجب استخراج هؤلاء لأخذ عيّنات وإجراء مقارنات فحوص البصمة الوراثية مع أُسر المفقودين»، مؤكدًا شروعَ السلطات الليبية لاحقًا إلى تنفيذ هذا الأمر. 

وتأتي هذه الاتهامات بعد مرور أكثر من عقدٍ على اندلاع الحرب والصراعات في لبيبا، وفي ظلّ الانقسامات بين حكومةٍ محلّيّةٍ تابعةٍ للبرلمان تحكم شرق ليبيا لا يعترف بها المجتمعُ الدولي، وأخرى تتمركز في العاصمة طرابلس تحظى باعترافٍ ودعمٍ دوليّين.  

على مستوى الخسائر، قدّرت شركة «أون» حجم ما تتكبّده ليبيا بسبب الفيضانات التي صاحبت العاصفة «دانيال» بنحو 4.3 مليار دولار. 

مهما يكن الحجم الفعليّ للخسائر، الآخذ حتمًا بالارتفاع، فإنّ تحذيراتٍ أمميّة أطلقت بشأن مصير الأطفال وعلى رأسهم منظمة «اليونيسف» التي وصفت الكارثة بأعنف عاصفة مسجّلة في تاريخ إفريقيا. وقد أبدت المنظمة خشيتها من وفاة مئات الأطفال، خصوصًا أنّ عدد الضحايا والمفقودين منهم لم يتأكّد بعد.

بينما لا تزال درنة والمدن المجاورة تلملم جراحها وتحاول التعافي تدريجيًّا، من المهمّ الحديث عن الحاجات الملحّة للأطفال هناك خصوصًا في ظلّ التخوّف من تكرّر الفيضانات خلال فصل الشتاء المقبل مع غياب السدود.

 

حاجاتٌ متصاعدة للأطفال

منذ ما قبل الكارثة، عانت ليبيا واقتصادها بشدّة بسبب ما يفوق عقدًا من الحرب. في تقريرٍ سابق حول التدخلات الإنسانية للأطفال في ليبيا وحاجاتهم لعام 2023، قدّرت «اليونيسف» حاجة 200 ألف طفل إلى مساعداتٍ إنسانية، والوضع مأساويّ تحديدًا للّذين تمّ إجلاؤهم قسرًا وللأسر التي تحوي أفرادًا بالغين أو أطفالًا من ذوي الاحتياجات الخاصة أو يعانون من أمراضٍ مزمنة. كما قدّرت المنظّمة حاجتها وشراكاءها في عام 2023 إلى 28,6 مليون دولار أميركي للتدخّل الإنساني الأساسي، مع احتياجات تمويل ملحّة في قطاعات حماية الطفل والحماية الاجتماعية والمياه والصرف الصحّي والنظافة العامّة والتعليم.

«غالبًا ما تكون آثار الفيضانات أكثر فتكًا بالأطفال من الأحداث المناخية المتطرّفة نفسها، فالأطفال هم من بين الفئات الأكثر ضعفًا، وهم معرّضون بشدّة لخطر تفشّي الأمراض، ونقص مياه الشرب الآمنة، وسوء التغذية، وتعطيل التعلّم، والعنف»، بهذه العبارة وصفت ميشيل سيرفاداي، ممثّلة «اليونيسف» في ليبيا، وضعَ الأطفال خلال فترة ما بعد الكارثة. بالطبع، الأرقام الآنفة وغيرُها تزايدت بعد السيول التي محَت ربع المدينة، بحسب تقديراتٍ محلّية رسمية. وهذا يعني تضاعُف حاجات الأطفال والأهالي ومقدّمي الرعاية، وتضاعُف الحاجة إلى التدخّل. 

أوّلاً: النزوح والمأوى

في الأصل، تشهد ليبيا نسبة نزوحٍ داخليّة مرتفعة نتيجة الحرب والصراعات المديدة. بحسب «اليونيسف»، أدّت السيول إلى نزوح أكثر من 16 ألف طفل في شرق ليبيا، موضحةً أنّ الأطفال يشكّلون 40% من السكّان. وكانت المنظمة أشارت، في تقريرٍ واكبَ مطلع الكارثة، إلى أنّ عدد الأطفال المتأثّرين بالسيول من سكّان المناطق المنكوبة يبلغ 353 ألفًا من أصل 884 ألف شخص يسكنون تلك المناطق، و900 ألف شخص بحسب «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» UNOCHA. 

حاليًّا، عشرات آلاف الأشخاص نازحون داخليًّا، وتتمّ استضافتهم من قِبل أقاربهم أو إيواؤهم في المدارس والمرافق العامّة. وبينما رجّحت «اليونيسف» في 14 أيلول/ سبتمبر نزوح ما لا يقلّ عن 30 ألف شخص، منهم من هم معزولون لا يمكن الوصول إليهم، قدّرت «المنظمة الدولية للهجرة»، في آخر حصيلةٍ لها، أنّ عدد النازحين تخطّى 43 ألفًا. 

 

ثانيًا: الغذاء والصحة

مع وقوع العواصف والفيضانات، تعطّلت سلاسلُ الإمدادات الغذائية المحلّية، كما فقدت الأسر التي غمرت المياهُ منازلها مخزونَها من المواد الغذائية. يأتي هذا بينما شهدت البلاد على مدى العقد الماضي عدم استقرارٍ سياسي واقتصادي فاقمَ معدّلات الفقر والجوع وانعدام السيادة الغذائية في البلاد، ناهيك عن انعكاسات الحرب في أوكرانيا على القطاع الغذائي على المستوى العالمي، ما انعكس على ليبيا نقصًا في الموادّ الغذائية وارتفاعًا في أسعارها. وقد عبّر «برنامج الأغذية العالمي» عن المشهد، مشيرًا إلى أنّ المأساة ضربت «بلدًا يواجه بالفعل أزمة سياسية صعبة أثّرت على أمنه الغذائي وحمايته الاجتماعية». 

قبل الأزمة، وضعت «اليونيسف» من ضمن أهدافها لبرنامج 2023 على المستوى الغذائيّ تقديمَ الدعم إلى أكثر من 70 ألفًا من الأطفال الصغار ومقدّمي الرعاية الأوّلية للأطفال الصغار وإلى النساء الحوامل. أمّا «برنامج الأغذية العالمي» فكان يقدّم الدعم عبر المساعدات الغذائية والمنح النقدية إلى أكثر من 52 ألف شخص من بينهم النازحون داخليًّا والعائدون والمهاجرون في المناطق الحضرية. 

وعقب الكارثة، بدأ البرنامج تقديم المساعدات إلى آلاف الأسر، وقد أوضح أنه خلال أشهر (أيلول/ سبتمر، تشرين الأول/ أكتوبر، تشرين الثاني/ نوفمبر) سيسعى إلى تقديم مساعدات غذائية شهرية إلى 100 ألف شخص في المناطق المتضررة. وعلى الرغم من الدعم المقدّم، ما زال أهالي المناطق المتضررة وأطفالها والنازحون بحاجة إلى تدخّل غذائي عاجل ومستمرّ. 

على المستوى الصحّي، توقّعت منظمة «أطبّاء بلا حدود»، بالنظر إلى حجم الكارثة، أن تكون مرافق الرعاية الصحية قد تضرّرت وتحتاج إلى إصلاح ودعم عاجلَين لضمان الوصول إلى الرعاية الطبية للأشخاص العالقين في هذا الوضع المتردّي. يأتي هذا بينما لا تدير المنظمة حاليًّا أيّ مشروع في المناطق الليبية المتضرّرة، لكنها مع ذلك نشرت فريق طوارئ في درنة وأرسلت إمدادات طبية ضرورية وفريق الطوارئ الأول، بالإضافة إلى تواصلها مع «الهلال الأحمر الليبي» للتنسيق وتقديم المساعدة الصحية.  

إلى ذلك، ما زالت تحذيرات «اليونيسف» من خطر تفشّي الأمراض المميتة قائمة، وكذلك تخوّفها من الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الإسهال والكوليرا، فضلاً عن الجفاف وسوء التغذية، بسبب مشاكل إمدادات المياه وتضاؤل إمدادات المياه الصالحة للشرب والأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية الصحية وبمصادر المياه وشبكات الصرف الصحي. بالإضافة إلى خطر تلوّث المياه الجوفية، واحتمال ظهور أزمة صحية بسبب وجود عدد كبير من الجثث تحت الأنقاض خصوصًا مع دخول درنة موسم الشتاء ما يرفع من احتمال تفشّي الأمراض. وقد أوضحت «اليونيسف» أنّه في درنة وحدها، تشير التقديرات إلى أنّ 50 % من شبكات المياه قد تضرّرت. 

وبالفعل، ظهرت حالات عدّة لأطفالٍ مصابين بالإسهال في المناطق المتضررة. ويُعَدّ الإسهال من بين الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال دون سنّ الخامسة، ويقع العديد من هذه الوفيات في جنوب آسيا ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا. 

وفي تحليلٍ للبيانات أعدّته جامعة «يال»، بناءً على تسجيلات «مرصد دارتموث للفيضانات»، في 43 دولة منخفضة الدخل أو ذات دخل متوسّط، وجد الباحثون رابطًا بين الفيضانات الشديدة أو تلك التي استمرّت أكثرَ من أسبوعين والتي أعقبت فترات الجفاف، وبين ارتفاع خطر الإصابة بالإسهال بين الأطفال الأصغر سنًّا. وهذا ينطبق بشدّة على ما شهدته ليبيا وما زالت تشهده.

 

ثالثًا: التعليم

وفقًا لتقديرات «اليونيسف» لعام 2023، كان هناك أكثر من 111 ألف طفل بحاجة إلى الالتحاق بالمدارس. ومع الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبُنى التحتية التعليمية، يواجه الأطفال مرّةً أخرى المزيد من تعطيل تعلّمهم. وبحسب المنظمة، دُمّرت في المناطق المتضرّرة 4 مدارس وتضررت 80 أخرى بشكل جزئيّ من أصل 117 مدرسة تأثرت، بينما يأوي بعضُها عائلاتٍ نازحة. 

وبينما وضعت المنظمة على أجندة عام 2023 إشراك حوالي 93 ألف طفل في الحصول على خدمات تعليمية رسمية أو غير رسمية، بما فيها التعلّم المبكّر، وحوالي 96 ألف طفل في الحصول على مواد تعليمية فرديّة، فاقمت الكارثة الأخيرة من حجم الحاجات والتدخّلات المطلوبة في هذا القطاع.  

رابعًا: الصحة النفسية والحماية 

لا تنفصل الصحة النفسية – الاجتماعية للأطفال الصغار في المناطق المنكوبة عن حاجاتهم الجسدية والصحية والاجتماعية. بعد أكثر من شهر ونصف الشهر على الكارثة، ما زال الأطفال الصغار في مناطق ليبيا المنكوبة يعانون من عبءٍ نفسيّ مهول واضطرابات ما بعد الصدمة والقلق الحادّ والخوف والاكتئاب. وقد وثّقت منظمةُ «اليونيسف» هذه المعاناة عبر الضيق النفسي وعدم القدرة على اللعب والتفاعل والنوم، بالإضافة إلى التبوّل اللاإرادي، خصوصًا في مراكز الإيواء، ، كما تمّ الإبلاغ عن حالات انتحارٍ بين الشباب. 

عشرات الأطفال الصغار، إن لم يكن المئات، يجدون أنفسهم اليوم بلا عائلاتٍ تأويهم مع تولّي الدولة رعايتهم بموجب مرسوم صادر عن السلطات. وعلى الرغم من أنّ وزارتَي الصحة في حكومَتَي ليبيا أعلنتا عن تشكيل لجان خاصّة بالدعم النفسي، تحدّثت مصادر محلّيّة ليبيّة إلى «وكالة الأنباء الألمانية» عن أنّ الأمر «لم يتعدَّ تشكيل اللجان بكثير». 

وبينما تحدّثت «منظمة الصحة العالمية» عن «حاجات هائلة في مجال الصحة العقلية ستستمرّ في الظهور حالما تبدأ الصدمة الأوّليّة للدمار والخسارة التي عانوها (السكان) بالتبدّد»، من المهمّ التشديد على الحاجة الملحّة إلى التدخّل النفسي- الاجتماعي وتقديم الرعاية في هذا المجال إلى الأطفال والعائلات المتضرّرة بفعل الفيضانات المدمِّرة. 

يأتي هذا بينما يعاني أطفال ليبيا في الأصل من وضع نفسي مجتمعي صعب. وكانت «اليونيسف» قد وضعت ضمن خطّتها لعام 2023، قبل وقوع السيول، حصول 172,204 أطفال ومراهق ومقدّم رعاية على الصحة النفسية المجتمعية والدعم النفسي.

أما على مستوى الحماية، فإنّ آلاف الأطفال اليوم في درنة والجوار ممّن فقدوا والدَيهم أو انفصلوا عن أسرهم أكثرُ عرضةً لمخاطر الحماية، بما في ذلك العنف والاستغلال بشتّى أنواعه.

لعنة الحرب والمناخ  

الفيضانات المتوسّطية مألوفة، وقد شهدت ليبيا في السابق سيولاً. ومع ذلك، تسبّب «إعصار دانيال» بفيضاناتٍ ذات أبعاد كارثية نادرًا ما مرّت على ليبيا. وفقًا لأغلب المتخصّصين بشؤون المناخ، ترفع أزمةُ تغيّر المناخ من شدّة العواصف والأعاصير مثل «إعصار دانيال»، معطوفةً على ما عاشته ليبيا من فترات جفافٍ متكرّرة جفّفت الأرض وجعلت من الصعب امتصاصَ المياه عند وقوع العواصف. 

إنّ تقاريرَ عدّة صادرة عن منظمات ومؤسسات ومواقع معنيّة بدراسة أزمة تغيّر المناخ اطّلعت عليها «الشبكة العربية للطفولة المبكّرة»- التي يُعنى مجالُ بحثها بأثر كارثة تغيّر المناخ على الأطفال الصغار– تقاطعت في تفسير حجم سيول ليبيا في ضوء الأزمة المناخية، وتاليًا ارتباطها بعدد الضحايا المرتفع. من تلك المراجع، مجلة Nature التي ربَط علماؤها بين التدهور المناخي ونتائج سنوات الحرب التي تعيشها ليبيا وأزمة الحكم المتتالية من جهة، وبين تفاقم الكارثة التي شهدتها البلاد من جهة ثانية. باختصار، هي «لعنة الحرب والمناخ»، كما وصفها المدير العام لـ«مركز جنيف للمياه»

وفي تحليلٍ أجرته «مجموعة تقييم الطقس العالمي» World Weather Attribution group، وهي مجموعة علماء مدعومة من «الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، وجدت أنّ تغيّر المناخ الناتج عن النشاط البشري جعل هطولَ الأمطار الغزيرة في شمال شرق ليبيا أكثر احتمالاً للوقوع بخمسين مرّةً ممّا كان سيكون عليه في عالمٍ لا يشهد تغيّرًا مناخيًّا ناتجًا عن النشاط البشري.  

والأخطر من ذلك أنّه بحسب العلماء، حتّى في عالمٍ تمّ تسخينه بمقدار 1.2 درجة مئويّة، فإنّ الأمطار التي هطلت على ليبيا غير عادية، وهي حدثٌ يمكن توقّعه مرةً واحدةً كلّ 300 إلى 600 عام. 

أمّا شركة «أون» فذكرت في تقريرها التحليليّ أنّ الفيضانات الغزيرة التي شهدتها ليبيا خلال أيلول/ سبتمبر الماضي هي ثاني أكثر الكوارث الطبيعية فتكًا خلال عام 2023، مشيرةً إلى أنّ الخسائر المؤكّدة عالميًّا بسبب الكوارث الطبيعية كانت الأعلى على الإطلاق في الربع الثالث من العام الحاليّ. 

الحاجات الملحّة والمستقبليّة

أمام ليبيا رحلة طويلة على طريق التعافي. تتمّ عمليات الإغاثة عبر جيشٍ أهليّ وعلى أكتافٍ من المتطوّعين المدنيين من كافة أنحاء البلاد في التحامٍ قلّما شهدناه خلال العقد الماضي، وبمساندةٍ من دولٍ أرسلت مساعدات متنوّعة وبدعمٍ من قِبل منظّمات محلية وإقليمية ودولية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة، هناك حاجات أساسية وعاجلة وملحّة وأخرى مستقبلية تحتاجها العائلات والأطفال في المناطق الليبية المتضرّرة أهمّها: 

  • تأمين مأوى مناسب يأوي النازحين فتراتٍ كافية حتى استعادة منازلهم في المناطق المدمّرة.   
  • تحديد أعداد المفقودين وتسريع عمليات الإغاثة وتوحيد الجهود للعمل على نشل الجثث من البحر في أسرع وقت ممكن.   
  • إرسال إمدادات ومساعدات وطواقم طبية ومستلزماتٍ للنظافة إلى العائلات النازحة.  
  • ترميم شبكات المياه المدمّرة. 
  • ترميم البنى التحتية التعليمية، وتأمين حزم للأدوات المدرسية.   
  • تأمين الدعم النفسي- الاجتماعي الملائم، ولفتراتٍ طويلة، للأطفال الصغار وعائلاتهم.  
  • طلب دعم الجهات المانحة وتأكيد ضرورة تركيزها على تلبية الاحتياجات الإنسانية
  • الاستثمار في التعافي طويل المدى الذي يتسّم بالإنصاف والمرونة وإيلاء الأطفال الصغار الاهتمام الكافي. 
  • إعادة بناء السدود بشكلٍ ملائمٍ يَقي العائلات والأطفال خطرَ تكرّر كارثة الفيضانات مستقبلاً.