نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

من الركام إلى التعافي:

حقّ الأطفال في التعليم واللّعب خلال الأزمات والنزاعات

 
(مطالب الائتلاف التربوي اللبناني لدعم التعليم في ظلّ الأزمات)

16 أيار/ مايو 2025

كثيرة هي التحدّيات التي تعصف بالقطاع التربوي والتعليمي في لبنان؛ من تآكل الأجور بفعل الانهيار الاقتصادي، وغياب سياسات تصحيح عادلة تضمن حقوق العاملين/ات بأجر وتقليص الإنفاق على الرواتب والأجور والتشغيل خصوصًا في القطاع العامّ، إلى الإضرابات المتكرّرة للكوادر التعليمية في القطاع الرسمي لإقرار هذه الحقوق، مرورًا باستمرار ارتفاع الأقساط في المدارس الخاصّة وتضخّم كلفة الخدمات التعليميّة في ظلّ غياب الرقابة الرسميّة، ثمّ تآكل جودة التعليم وتراجع عدد أيام التدريس الفعليّة في المدارس اللبنانية، أي مراكمة المدارس الرسمية عجزًا في أيام التدريس بلغ 49% بين 2019 و2025.

وتأتي حالات الطوارئ لتُراكم على الأزمات الموجودة بالفعل، ما يخلّف أثرًا كارثيًّا عابرًا للأجيال على حقّ الأطفال في التعليم بلبنان. آخر هذه الكوارث الحربُ الإسرائيليّة المستمرّة، وإن بشكلها «المخفَّف»، على لبنان. لقد أدّت هذه الحرب إلى تضرّر أكثر من 60% من المدارس في جنوب لبنان أو تحويلها إلى ملاجئ. وحتى اليوم، ما زال آلاف التلامذة في القرى الحدوديّة الجنوبيّة محرومين من حقّهم في التعلّم بشكلٍ متساوٍ كبقيّة تلامذة لبنان بسبب الانتهاكات الإسرائيليّة المتكرّرة من جهة، وغياب خطط رسميّة فعّالة من جهة ثانية.

في هذا السياق، وانطلاقًا من كون وضعيّة الأطفال خلال الأزمات وحقوق القوى العاملة في مرحلة الطفولة المبكّرة جزءًا أساسيًّا من استراتيجيّة «الشبكة العربيّة»، وفي إطار متابعتها المستمرّة لهذا الملفّ، أتت مشاركة الشبكة في نشاطٍ نظّمه «الائتلاف التربوي اللبناني» في بلدية صيدا بجنوب لبنان في 3 أيار/ مايو 2025. جاء النشاط ضمن فعاليّات «أسبوع العمل العالمي للتّعليم 2025»، جامعًا بين التوعية حول أهداف الحملة العالميّة للتّعليم (GCE)، والمناصرة حول التّعليم بصفته حقًّا أساسيًّا.

حضر النشاط ممثّلون/ات عن جمعيّات ونقابات ومؤسسات إنسانيّة وتربويّة وأساتذة/ات ومهتمّون/ات بالشأن التربوي والتعليمي من إدارات مدارس ومراكز تعليمية. كما قدّم تلامذة إحدى المدارس المشاركة مطالب «الائتلاف التربوي» وأبرزها:

  • دعم المعلّمين/ات وتحسين أوضاعهم/نّ وتدريبهم/نّ، خاصةً في التكنولوجيا والتعليم عن بُعد.
  • تمويل عادل ومستدام للمدارس، خصوصًا في المناطق المهمّشة.
  • ضمان تعليم شامل ومنصف للجميع، بما يشمل الفئات المهمّشة والمنقطعين/ات عن الدراسة.
  • تطوير البنية التكنولوجيّة وتعزيز التعلّم الرقمي وتوفير الأجهزة والإنترنت.
  • تقديم دعم نفسي واجتماعي للتلامذة والمعلّمين/ات المتأثّرين/ات بالأزمات.
  • تعزيز الحوكَمة والتنسيق في إدارة الأزمات التربويّة، وتحسين أنظمة البيانات والرصد.

بين لبنان والبلدان العربيّة: تحدّيات جسيمة للتعليم وتنمية الطفولة المبكّرة

إلى ما سبق، قدّم المنسّق العامّ لـ«الشبكة العربيّة» وأحد مؤسّسي الائتلاف د. غسان عيسى عرضًا تضمّن لمحةً عن انطلاقة الشبكة واستراتيجيّات تدخّلها ومناهج عملها. واستعرض دور الشبكة في تعزيز حقوق الأطفال الصغار من خلال مبادرات متعدّدة القطاعات في دول عربيّة عدّة. كما تطرّق إلى رؤية الشبكة في أن يتمتّع الأطفال الصغار في المجتمعات العربيّة بحقوقهم ضمن بيئةٍ مثرية من الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، وإلى رسالتها المتمثّلة بربط الجهود بين المؤسسات المعنيّة بتنمية الطفولة، وإنتاج المعرفة، والتأثير على السياسات العامّة استنادًا إلى الأدلّة العلميّة.

واستعرض عيسى دور الشبكة في ربط الدول وتَبادل أفضل الممارسات في مجال تنمية الطفولة المبكّرة، مشيرًا إلى أنّ الشبكة تعمل حتى الآن مع شركاء من عشرة بلدان عربيّة. وبينما نجحت «الشبكة العربية» في تأسيس تعاون إقليمي فاعل لتنمية الطفولة المبكّرة على مستوى البلدان العربية، تبقى هناك تحدّيات جسيمة يواجهها التنسيق والتعاون في هذا المجال على المستوى الإقليمي. وقد لخّص عيسى هذه التحدّيات بتأمين استدامة التعامل مع الشبكات الوطنية والإقليمية في ظلّ الحروب والأزمات واستدامة عملها، بالإضافة إلى ضعف الاهتمام بالعمل الإقليمي المشترك وانحياز الكثير من الداعمين نحو تجزئة التعامل مع الأطفال وعائلاتهم.

من جهة أخرى، سلّط عيسى الضوء على «إعلان طشقند 2022»، الصادر عن منظّمة «الأونيسكو»، وعلى التزامات «طشقند» بالعمل من أجل إحداث التحوّل المنشود في مجال الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكّرة ضمن البلدان العربية. كما أوضح أنّ الإعلان يشكّل خريطة طريق لإعادة بناء قطاع التعليم، والتشديد على أنّ الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكّرة ليستا ترفًا في أوقات الأزمات، بل أساس للتعافي وبناء السلام.

ويهدف هذا الإعلان إلى إعادة تأكيد حقّ جميع الأطفال، الفتيات والفتيان، في الحصول على رعاية وتربية جيّدة خلال مرحلة الطفولة المبكّرة، تماشيًا مع الهدف 4.2 من أهداف التنمية المستدامة وضمان تعليم جيّد وشامل في الطفولة المبكّرة.

وفي السياق، عدّد عيسى أبرز التحدّيات العالميّة التي تواجهها الطفولة المبكّرة والتعليم، منها جائحة «كوفيد 19» وتغيّر المناخ والنزاعات والأزمات الإنسانية والفجوات الاجتماعية والاقتصادية ونقص التمويل. كما سلّط الضوء على الحلول المقترحة والالتزامات المطلوبة من الحكومات والمجتمع الدولي، بما في ذلك زيادة الإنفاق على التعليم قبل الابتدائي وتعزيز القدرات والرقمنة وحماية الأطفال وحقّهم في اللّعب والتعليم في جميع الظروف.

وحول وضع الأطفال في جنوب لبنان، شدّد عيسى على أنّ «أطفال جنوب لبنان يكبرون وسط الركام والخوف». وأشار إلى أنّ «المربّين/ات في جنوب لبنان والأهالي والأطفال واليافعين/ات اجتمعوا ليس فقط لاستذكار من وما فُقد، بل للنضال من أجل ما يجب حمايته: حقّهم في اللعب والتعلّم والأمل»، موضحًا أنّ «التعلّم من خلال اللعب، والدعم النفسي والعاطفي، أدوات منقذة للحياة».