25 حزيران/يونيو 2025
هذا العام، أتى «اليوم العالمي للّعب» (11 حزيران/يونيو) و«اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال» (12 حزيران/يونيو) وسط أرقامٍ غير مبشّرة: حوالي 138 مليون طفل ما زالوا يعملون، من بينهم حوالي 45 مليون طفل انخرطوا في أعمال خطرة قد تُعرّض صحّتهم أو سلامتهم أو نموّهم للخطر.
أعادت هذه الأرقام الصادرة عن تقريرٍ لـ«اليونيسف» و«منظّمة العمل الدولية» إلى الأذهان أنّ هدف القضاء على عمالة الأطفال بحلول 2025، والذي تعهّد به العالم عام 2015، لم يتحقّق. صحيح أنّ أرقام الأطفال العاملين انخفض عن 168 مليون طفل في عام 2015، و22 مليونًا عن عام 2020، غير أنّ «العالم ينحرف بشكل خطير عن المسار الصحيح لتحقيق الموعد النهائي ضمن الهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة»، وفق وصف «الاتحاد الدولي لنقابات العمّال» (ITUC).
ينصّ الهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة على اتّخاذ تدابير فوريّة وفعّالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرّق المعاصر والإتجار بالبشر وضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال واستئصاله، بما في ذلك تجنيدهم، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025، أي العام الحاليّ. وإذا ما استمرّ هذا المسار البطيء في المعالجة، خصوصًا في ظلّ استعار الحروب والنزاعات حول العالم- خصوصًا البلدان العربية- وما يرافق ذلك من ارتفاع في نسبة عمالة الأطفال، فهذا يعني أنّ العالم سيحتاج فترةً أطول لتحقيق أهدافه المنشودة، كما قد يتطلّب منه الأمر أطر علاجٍ مختلفة عن السابقة، وحلولًا سياساتيّة أكثر تكاملًا.
عمالة عابرة للأجيال والحلول ممكنة
من النقاط المهمّة التي أشار إليها التقرير أنّ عمالة الأطفال عابرة للأجيال، أي أنها غالبًا ما تنتقل من الآباء إلى الأبناء كأنّها دورة اقتصادية واجتماعية متكرّرة. بمعنى أدقّ، غالبًا ما يكون الوضع الاجتماعي للأهل الذين أُجبروا على العمل في طفولتهم صعبًا، ما يعني أنّ أطفالهم سيدخلون سوقَ العمل في سنّ مبكّرة لتغطية نفقات المعيشة، ممّا يحدّ من توفّر تعليم جيّد لهم. وبهذا الشكل تتوالى حلقة الفقر والحرمان من التعليم جيلًا بعد آخر.
يعيد كلّ ما سبق وأكثر طرحَ أهمية الحلول السياساتية المتكاملة التي تعمل عبر القطاعات الحكومية وتعالج المشكلة من منظور تعليمي واقتصادي واجتماعي، الأمر الذي دعت إليه المنظّمتان.
وشدّدت المنظّمتان كذلك على أنّه لا يمكن تحقيق القضاء على عمالة الأطفال من دون مراعاة الظروف التي تدفع الأسر باتّجاه إرسال أطفالها إلى العمل، ألا وهي الفقر. ولم تنسَ الدعواتُ حقوقَ الوالدين، وعلى رأسها الحقّ في عمل آمن ولائق، والتي تُعتبر جوهريّة لإنهاء عمالة الأطفال. في هذا الإطار، تتناول «منظّمة العمل الدوليّة» عمالة الأطفال بطريقة شاملة تمامًا، ذلك أنّ ضمان حصول البالغين على ظروف عمل جيّدة أمر بالغ الأهمية لمعالجة عمالة أطفالهم.
إلى ذلك، أوضح التقرير أنّ ثلثَي عمالة الأطفال في العالم تحصل في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وذلك بعد اتّباع نهم قائم على أساس كلّ بلد نظرًا للتفاوتات الإقليمية في عمالة الأطفال.
وفي إطار الجهود المبذولة للقضاء على هذه العمالة، سلّط التقرير الضوء على أزمة نقص التمويل. وفي الإطار، ذكرت «اليونيسف» أنّ تخفيضات التمويل العالميّة تهدّد بتراجع المكاسب التي تحقّقت بشقّ الأنفس، مؤكّدةً أهمية الالتزام بضمان وجود الأطفال في الفصول الدراسية والملاعب، لا في أماكن العمل.