30 حزيران/يونيو 2025
عقد كلٌّ من «الشبكة العربية للطفولة المبكّرة» وتحالف Moving Minds Alliance (MMA) و«جمعية خطوة بخطوة الدولية» (ISSA) النسخة الثانية من سلسلة ندوات رعاية المستقبل بعنوان: ما بعد النجاة: إعادة تصميم الاستجابة الإنسانية في الأزمات الممتدّة من أجل تنمية الطفولة المبكّرة.
تتألّف هذه السلسلة التي ينظّمها MMA من خمس حلقات نصف شهرية، مدّة كل منها ساعة واحدة، وتهدف إلى جمع أصوات متنوّعة من القطاعات والمناطق المختلفة لتعزيز الحوار والتفكّر والتعاون العملي من أجل تحقيق وصول عادل ومحترم ومتكامل للرعاية الشاملة للأطفال الصغار المتأثّرين بالأزمات.
ناقشت الندوة القيود التي تواجه الإطار الحالي للاستجابة الإنسانيّة، مع التركيز على الحاجة الملحّة لتجاوز «النجاة» فقط نحو تبنّي مناهج شاملة تدعم حُسن حال الأطفال الصغار خلال الأزمات. شارك خبراء/ات وعاملون/ات في الخطوط الأماميّة من اليمن وقطاع غزّة وأفغانستان تجاربهم العمليّة وكيفية تجاوزهم للحدود من أجل تقديم رعاية شاملة في بيئات الطوارئ الممتدّة. كما شملت المناقشة وجهات نظر سياسية حول الانتقال من الحلول قصيرة الأمد والتفاعليّة إلى تأثير مستدام وطويل الأجل. وتعلّم المشاركون/ات كيف يقود الفاعلون/ات المحليّون/ات جهودًا تحويليّة على الأرض، بينما يعمل أصحاب المصلحة العالميون على إعادة تشكيل الأنظمة الإنسانية لجعلها أكثر استجابةً للأطفال ومراعاةً لنموّهم.
تلبية الاحتياجات طويلة الأمد للأطفال الصغار خلال الأزمات
سلّط المتحدّثون/ات من منظمات ودول عدّة الضوءَ على الفجوات الكبيرة في كيفية تعامل المساعدات الدولية مع تنمية الطفولة المبكّرة خلال الأزمات الممتدّة. وعلى الرغم من أنّ المساعدات تُسهم في النجاة، إلا أنها غالبًا ما تتجاهل الاحتياجات التنموية طويلة الأمد للأطفال. يعاني الأطفال الصغار في الصراعات الممتدّة أو حالات النزوح من تدهور صحتهم وتعلّمهم وحُسن حالهم. كما أنّ التنسيق بين القطاعات ضعيف، والفاعلون المحليون، وهم الأقدر على تقديم رعاية ثقافية مناسبة، يعانون من نقص التمويل أو الإهمال. في الإطار، أكّد الخبراء/ات خلال الندوة ضرورة التحوّل من الحلول قصيرة الأمد إلى رعاية متكاملة تقودها المجتمعات المحلية.
ودعا المتحدثون/ات إلى إصلاحات عاجلة لجعل تنمية الطفولة المبكّرة جزءًا أساسيًّا من التخطيط والتمويل الإنساني، مع التركيز على دعم مرن ومتعدّد السنوات للمنظمات المحلية، وتحسين دمج قطاعات الصحة والتغذية والتعليم والحماية.
كما نوقشت التحدّيات في قطاع غزّة واليمن؛ ففي غزّة تسببت الأضرار في البنية التحتية، والصدمة النفسية، وتعطّل الخدمات في تعريض ملايين الأطفال للخطر، مع فقدان الكثير منهم فرص التعليم وعدم المساواة في الوصول إلى الخدمات. أما في اليمن، فتحدّ الأنظمةُ الإنسانية والحكوميّة من فعالية برامج تنمية الطفولة المبكّرة، ما يؤدّي إلى حرمان ملايين الأطفال من التعليم وانتشار سوء التغذية بينهم. إلى ذلك، أكدت الندوة أهمية تمكين الحكومات، وتحسين التعاون بين القطاعات، وتعزيز صوت المجتمعات المحلية بصفتها عوامل حاسمة لحلول مستدامة تركّز على الطفل.
تنمية الطفولة المبكّرة: شريان حياة في الأزمات الممتدّة
قدّم المنسّق العام لـ«الشبكة العربية للطفولة المبكّرة» د. غسان عيسى الملاحظات الختامية للندوة. وأكّد أن البقاء على قيد الحياة هو الشغل الشاغل لملايين الأطفال الصغار المحاصرين في أزمات ممتدّة من غزّة واليمن إلى السودان وسوريا وغيرها، لكنّه مجرد خطوة أولى في رحلة طويلة نحو الازدهار. كما أوضح أنّ تنمية الطفولة المبكّرة تعاني من نقص حادّ في التمويل وتفتقر إلى التكامل ضمن الاستجابات الإنسانية، على الرغم من دورها الأساسي في بناء الصمود والتعافي. وبيّن أنّ السياق العالمي الحالي يشهد أزمات متداخلة، من نزاعات ونزوح وتدهور مناخي واضطرابات اقتصادية وجوائح، ممّا يزيد من هشاشة الأطفال ويجعل تنمية الطفولة أكثر أهمية من أيّ وقت مضى كحبل نجاة وليس رفاهية.
ودعا عيسى إلى تحوّل جذري في طريقة تعامل المساعدات الدولية مع تنمية الطفولة، مطالبًا بإدماجها ضمن آليات التنسيق وربط الصحة والتغذية والتعليم والحماية في نهج متكامل يركّز على الطفل. كما شدّد على ضرورة تجاوز التدخّلات القصيرة والمجزّأة وتمكين الحكومات من قيادة استراتيجيات تنمية الطفولة المبكّرة المستدامة والمبنيّة إقليميًّا. وأوضح أنّ التقدم يتطلّب ليس فقط حلولًا فنيّة، بل قيادةً جريئةً وتمويلًا استراتيجيًّا وشراكات تعاونيّة تعطي الأولوية لحقوق الأطفال وإمكاناتهم في ظلّ الأزمات المعقّدة. وكانت الرسالة واضحة: الاستثمار في الأطفال الصغار ليس خيارًا بل ضرورة لكسر دوائر الصدمة وبناء مجتمعات صامدة.
واختتم عيسى كلامه بنداء عاجل وحازم: أوقِفوا جميع الحروب على الأطفال الآن!
يمكنكم مشاهدة الندوة الكاملة هنا.