نتواصل لأجل أطفال سعداء
We Communicate For Happy Children

مأساة الزلزال بلا حدود، والتداعيات مستمرة
مقابلات مع عاملين وعاملات في شمال سوريا

 

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الزلزالين المدمّرين اللذين ضربا تركيا وسوريا، ما زال ملايين من العائلات والأطفال المهمّشين يعانون من آثار هذه الكارثة على كافّة جوانب حياتهم، من تهجير وتشريد وسوء تغذية وانتشار الأمراض والأوبئة وآثار الصدمة النفسيّة ونقص في الخدمات الصحية والتعليمية. جاءت هذه الكارثة الطبيعية بعد أكثر من عقد على اندلاع الحرب في سوريا، وأثناء تفشّي وباء الكوليرا ووسط عاصفة ثلجية أدّت إلى العديد من حالات انخفاض حرارة الجسم والتهابات الجهاز التنفّسي لدى الأطفال الذين يعانون نفسيًّا ومن سوء تغذية حادّ، إذ كان عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية في سوريا قد وصل إلى أكثر من 3.75 مليونًا مطلع عام 2023 قبل وقوع الزلزال، بحسب تقرير للـ«يونيسف» صادر في آذار/ مارس 2023، كما بقيت أسعار المواد الغذائية مرتفعة في المناطق المتضررة وذلك بعد مرور ثلاثة أسابيع على وقوع الزلزال، بحسب «برنامج الأغذية العالمي».  علاوةً على ذلك ، تضرّر من الزلزال أكثر من 1.7 مليون لاجئ سوري في تركيا، من أصل 3.5 ملايين موجودين فيها.

أتى الزلزال في ظلّ واقع اقتصاديّ ومالي ونقدي مرير تعاني منه سوريا ويزداد سوءًا مع الوقت، وقد أثّر على تبعات الكارثة وكيفية التعامل معها. لقد  أدّت أزمةُ المحروقات الخانقة إلى انقطاع أو شحّ إمدادات الوقود على القطاعات الإنتاجية والنقل وتوليد الكهرباء. كما انعكس تطبيقُ رفع الدعم عن المواد الأساسية على قدرة العائلات على توفير ما يكفيها من احتياجات أساسية للمعيشة ما أدّى إلى ارتفاع نسب سوء التغذية لدى النساء والأطفال خاصةً في المناطق الأكثر فقرًا بالأرياف والمستوطنات حول المدن. بالإضافة إلى تراجع عدد المرافق الصحية والمستلزمات الطبية والأدوية»، بحسب د. ماهر أبو ميّالة، الخبير في الصحة العامّة والمدير التنفيذي لمؤسسة «الأغاخان» للخدمات الصحية في سوريا. كما اتّسعت الهوّة الطبقية بشكل كبير في سوريا ما جعل الطفل الذي يعيش ضمن عائلة ميسورة غير واعٍ لوجود طفل آخر معدوم، الأمر الذي ولّد حالة عنفٍ لدى الأطفال، وفقًا لفرح (اسم مستعار)، الناشطة المجتمعية في العمل الميداني بسوريا.

وتعاني منطقة شمال غرب سوريا، أكثر المناطق المتضررة جرّاء الزلزال، من محدودية الخدمات بسبب ضعف الموارد المتوفرة على مستوى التمويل والموارد البشرية، ففي تلك المنطقة هناك، على الأرجح، طبيب نفسي واحد وثلاثة أخصائيين نفسيين، وهو عددٌ غير كافٍ، بحسب رياض النجم، الرئيس التنفيذي لشبكة «حرّاس».

ولم تكن الاستجابة الدولية لسوريا بحجم الكارثة، وقد وصفها ناشطون بـ«السيئة للغاية» خصوصًا في ظلّ المعايير المزدوجة في التعامل مع تركيا وسوريا وكمّ المساعدات الذي وصل إلى تركيا التي تملك في الأصل أدوات كبيرة للاستجابة للكوارث في مقابل بلدٍ يعاني من 12 عامًا من الحرب. في سوريا، اقتصرت تلك الاستجابة خلال الساعات الـ72 الأولى على محاولة فهم حجم الأضرار فتأخّرَ وصول المساعدات، بحسب د. ماهر أبو ميّالة. وتحدّث ناشطون عن شلل آليات التنسيق الدولية، والتي كان من المفترض أن تباشر بالاستجابة للمتضررين، وعن خيم ومعونات وسلل غذائية وحماية بقيت موجودة داخل المستودعات بينما كان يُفترض أن يتمّ توزيعها. وعلى الرغم من أهمية الاستجابة العَينية والمادية في الظرف الحالي، يبقى السؤال حول إمكانية متابعتها والاستمرار بتزويد العائلات بالطعام والشراب، خصوصًا مع الإقبال على فصل الصيف وانتشار الأمراض والقمل والجرب. كما يطرح البعض ضرورة الانتقال من الاستجابة الإنسانية إلى مرحلة التعافي المبكر، والبدء بتقديم خدمات أكثر استدامة وبناء أنظمة قادرة على الاستجابة لهذا النوع من الحالات الطارئة مستقبلاً.

وقد تفاقمت الاحتياجات بُعيد الزلزال الأول وما تلاه، خصوصًا تلك المتعلّقة بالأطفال والأُسر، وأبرزها:

  •  الاحتياجات الاقتصادية والتي تؤثّر على كافة القطاعات
  •  “الاحتياجات الغذائية، خصوصًا في ظلّ انخفاض المساعدات التي كان يقدّمها “برنامج الغذاء العالمي
  • احتياج الأمان والمأوى
  •  الحاجة إلى الشعور بالانتماء بعد 12 عامًا من الحرب، والذي يتأمّن للطفل من خلال التعاون مع الأسرة
  •  خدمات الإسعاف النفسي الأوّلي والدعم النفسي الأكثر تخصّصية
  • الخدمات الصحية، خاصةً خدمات اللقاح وتعزيز التغذية وتدبير الحالات المرضية
  •  الاحتياجات التعليمية، مع ضرورة أن يكون  تمويل المانحين أكثر استدامةً للقطاع التعليمي، وأن يتمّ العمل على استراتيجية طويلة الأمد تتوجّه نحو تعليم جيل كامل
  •  دعم العمل المحلّي، وأن يكون هناك تمويل مباشر للمنظمات المحليّة من دون وسطاء