التكيف و الكفاءة في الطفولة المبكرة
التكيف والكفاءة:
التكيف يعني التأقلم مع التحديات (والقدرة على التعامل معها)، بما فيها الالتقاء بأشخاص جدد والتعاطي مع الإحباط. وتدبر الخوف والتوتر، فضلاً عن استيعاب الأوضاع الجديدة.
الكفاءة تعني مجموعة مترابطة من المعارف والقدراتوالمهارات. إن تعلم التكيف مع التحديات يبني الكفاءات الاجتماعية والجسدية والذهنية.
إن التبادل الاجتماعي المبكر الذي تحدثنا عنه حتى الآن يؤسس للتكيف (العلاقات بين الرضيع ومقدم الرعاية.. الخ).
التبادل الاجتماعي الذي يختبره الأطفال في بداية حياتهم يؤثر في قدراتهم الناشئة على التكيف وعلى اكتساب الكفاءة. وهذه التفاعلات المتبادلة التي تحدث كل يوم حياة الرضع (كالاستيقاظ والرغبة في أن نحملهم، والشعور بالجوع وإطعامهم، والابتسامة والرد على الابتسامة من قبل الآخرين بابتسامة مماثلة) هي أمور يكون الدماغ البشري جاهزاً لها عند الولادة. وكافة هذه التفاعلات الصغيرة، ومنها انتباه الطفل الصغير إلى الأطفال الصغار الآخرين، تساعدهم على تعلم التكيف والتأقلم مع متطلبات وحوافز العالم المحيط بهم. وفيما يتعلم الأطفال التكيف مع التحديات والمواقف الجديدة، فإنهم يبنون كفاءات- أو قدرات- المعرفة والتحرك والتعاطي مع الآخرين والازدهار في الحياة. ويمكن أن يفعل الأطفال ذلك في أنواع عديدة متنوعة من العائلات والبيئات.
التنظيم الذاتي
التنظيم الذاتي هو "... القدرة على أن يسيطر المرء على انتباهه وعاطفته وسلوكه بمستوى مناسب لعمره وثقافته" (كلينتون، 2020، ص 51). وهذا يتضمن أن نأخذ في الاعتبار ليس أفكارنا ومشاعرنا فحسب، بل أفكار ومشاعر الآخرين أيضًا. إن التنظيم الذاتي أمرٌ أساسي لانتقالنا من العجز إلى الكفاءة.
أكد باحثون من مختلف التخصصات على الأبعاد الفيزيولوجية والذهنية والعصبية والنفسية والاجتماعية للتنظيم الذاتي بالإضافة إلى المشكلات التنظيمية (فوهْس وبومستر، 2010). وهم يشتركون في فكرة مشتركة مفادها أن التنظيم الذاتي يشكّل مجموعة مركزية من مهارات وقدرات مترابطة تؤثّر على التعلم والسلوك والصحة.
حين يتعلم الأطفال التأقلم، أو التنظيم الذاتي للمشاعر والسلوكيات والانتباه فهذا يساعدهم على استيعاب التحديات والفرص في عالمهم.
إن كيفية تنظيمنا لمشاعرنا وسلوكنا وانتباهنا تشكل أمراً أساسياً في طريقة تجاوبنا مع العالم من حولنا. وتعود جذور ذلك إلى بيولوجية أجسامنا. ويؤثر التنظيم الذاتي في الكيفية التي نعيش بها حياتنا كل يوم.
تشكل الخبرات الحياتية السبل العصبية المنخرطة في التنظيم الذاتي لعمليات التأقلم مع الفرص والتحديات المحددة التي نواجهها في بداية حياتنا. فإذا تمكن الأطفال من تطوير مهارات التنظيم الذاتي باكراً فإنهم سينطلقون على طرقات التكيف والكفاءة.
ويمكن أن يزدهر الأطفال في أطر وسياقات مختلفة عديدة، ولكنهم يميلون إلى التمتع بسمات مشتركة، منها الهدوء، والتركيز والانتباه، والقدرة على التواصل بفعالية، واكتساب الأصدقاء والإصرار على إنهاء المهام والإبداع فيها، وحل المشكلات.
ثلاثة من جوانب التنظيم الذاتي:
يشكل تنظيم الطاقة (الاستثارة والتعافي) أساساً لكيفية تنظيم مشاعرنا وسلوكنا وانتباهنا.
إن تنظيم الشعور يكمن في عملية المبادرة إلى حصول المشاعر أو شدتها أو مدتها، والمحافظة عليها، وتعديلها.
أما ضبط السلوك فهو تنظيم التفاعلات الاجتماعية مع الآخرين وتنسيق الحركات الجسدية، أما تنظيم الانتباه فهو القدرة على التركيز باختيار وبوعي، وهو أساس الإصرار والفضول والذاكرة والمرونة الذهنية والتخطيط وحل المشكلات.
مستويات الاستثارة والتعافي- أو استعادة التوازن: needs a scale design
نائم | نعسان/ خامل | متنبه/ متيقظ قليلاً | مركز بهدوء ومتنبه | متنبه بإفراط | مغمور (استثارة قوية جداً) |
الحالة المثلى
"إن أسس انخراطنا واستثارتنا وتفاعلنا مع الإحباط والفرص والتحديات والأفكار الجديدة موجودة في بيولوجية أجسامنا (حالات الاستثارة والتعافي)".
هكذا يعمل التنظيم الذاتي:
تعمل حالات الاستثارة (استجابات أجسادنا تجاه معطى أو تأثير خارجي) على مسار متواصل: من النوم إلى القلق وإلى عدم القدرة على التكيف.
وتفعيل الطافة أو الاستثارة (وبعد ذلك تخفيف التسارع- أو التعافي) يشكل اتسجابة الجسد، أو رد فعله على المحفزات.
إن مدى التعافي اللازم أو مدى التفعيل اللازم من أجل مهمة معينة يختلف من طفل إلى طفل ومن وضع إلى وضع. والتركيز والتنبه بهدوء يضعان حالة الاستثارة في الوسط، وهي مفتوحة على استقبال ودمج المعلومات القادمة من الحواس المختلفة.
على سبيل المثال، صوت الرعد القوي قد يتسبب بالذعر لشخص ما، وهذا الشخص قد يشعر بالهدوء سريعاً ويعود إلى ما كان يقوم به. أما شخص آخر، فقد يشعر بالعصبية والذعر لفترة أطول ويجد صعوبة في استعادة التركيز.
عندما تكون التجارب الحياتية قوية جداً، أو غامرة، فإن تنظيم الاستثارة لدى طفل صغير يمكن أن يكون غامراً أو أكبر من إمكاناته، فقد ينغلق الأطفال الصغار على أنفسهم أو قد يصبحون مفرطين في التنبه. يختلف الأطفال في قدراتهم على القيام بتغييرات تدريجية وسريعة في مسار الاستثارة المتواصل، وعلى العودة إلى خط الأساس (حيث كانوا قبل الخبرة المستثيرة)، وعلى تعديل الارتفاع والهبوط في مستويات الطاقة في حالة معينة. يحتاج بعض الأطفال إلى خبرات حياتية تساعدهم على تنظيم نظام الاستثارة هبوطاً، أي التنبه مع الحفاظ على الهدوء، فيما يحتاج آخرون إلى خبرات نشطة تساعدهم على تنظيم حالة الاستثارة صعوداً.
- هل يمكن أن تفكروا ببعض الأمثلة؟
الاستثارة والتعافي: كأن نضغط على "دوّاسة" البنزين!
- يمكن مقارنة التنظيم الذاتي بقيادة سيارة: الدماغ ينشط النظام العصبي استجابة لعامل ضغط، فيضغط على دواسة البنزين، ثم يحررها ليعود إلى التوازن، أي إلى حالة التركيز والهدوء.
- يحتاج بعض الأطفال إلى دوس "البنزين" أكثر من الآخرين لكي يحافظوا على الهدوء لأنهم يجدون صعوبة في تنظيم ما يدخل من خارجهم.
د. ستيورات شانكر هو أستاذ بحوث متميز في جامعة نيويورك، وهو يشرح أن التنظيم الذاتي يدأ بعد الولادة.
يقارن شانكر التنظيم الذاتي بطريقة عمل دواسة البنزين.
وهو يشدد على أهمية أن يدرك الكبار كمية الطاقة اللازمة لإيقاف مصادر الإلهاء عند أطفال كتلك الطفلة، وإيجاد طرق لدعمهم.
- التغذية الجيدة.
- التقليل من السكر والطعام السريع.
- التقليل من وقت الجلوس وعدم التحرك.
- وقت للعب.
- وقت لحرق الطاقة.
التنظيم الذاتي وضبط النفس
اللعب والتنظيم الذاتي
أثناء اللعب، تتاح للأطفال فرص لممارسة نوع المهارات الأساسية للتنظيم الذاتي كالتفكير المرن، والاهتمام المركّز، والسلوك الموجه نحو الأهداف، والقدرة على التفاوض والتعاون مع أقرانهم.